أخبارتونسعربي

على ضوء زيارة رئيس الوزراء القطري الى بلادنا: ضخ “الاوكسيجين” في العلاقات الثنائية

اقتصادية بامتياز .. هذا العنوان الأبرز للزيارة التي اداها رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية القطري الشيخ خالد بن خليفة بن عبد العزيز آل ثاني الى تونس والتي امتدت من يوم الاثنين 27 فيفري 2023 الى يوم الأربعاء غرة مارس الجاري .. زيارة أتت وتونس تعاني من أزمة اقتصادية متفاقمة وضربت في الأرض شرقا وغربا بحثا عن تمويلات خارجية لم تتوفر لها في ظل مماطلة صندوق النقد الدولي في إعطاء موافقته النهائية على القرض المتفق عليه تقنيا منذ منتصف أكتوبر الماضي والبالغ 1,9 مليار دينار وزاد الوضع تعقدا بعد إجماع وكالات التصنيف الائتماني عن اقتراب تونس من حافة الإفلاس ما جعل كل البلدان لا تقدم لها الدعم المالي كما ان مؤسسات القراض العالمية والقارية والإقليمية لم تمنحها الا ما به توفر بعض نفقاتها اليومية . لكل ذلك مثلت زيارة رئيس مجلس لوزراء ووزير الداخلية القطري الى تونس بارقة ضوء وسط الظلام الدامس الذي تتخبط فيه في ظل عجزها عن توفير اعتمادات مالية خارجية لميزانيتها لهذا العام والمحددة بمبلغ 15 مليار دينار. بالنظر الى الوفد المرافق للضيف القطري والذي ضم كل من الدكتور علي بن صميخ المري وزير العمل وسلطان بن سعد المريخي وزير الدولة للشؤون الخارجية وسلطان بن راشد الخاطر وكيل وزارة التجارة والصناعة فان الزيارة تحمل بشائر بمزيد تمتين التعاون التونسي القطري في مجال المبادلات التجارية بما ينعكس إيجابا على الشركات التونسية الباحثة عن تقوية نسق مبادلاتها التجارية في ظل ضيق السوق التونسية وصعوبة المنافسة في الأسواق التقليدية والتي حدت من نسق الصادرات التونسية سواء من الشركات العمومية او الخاصة وهو ما أدى الى تفاقم العجز التجاري واختلال الموازين التجارية التونسية بشكل اضر برصيدها من احتياطي النقد الأجنبي وادى الى مزيد تراجع الدينار امام الدولار والاورو بل وصل الامر الى عجز الدولة عن سداد مستحقات مزوديها مما أدى بهم الى طلب مستحقاتهم بشكل فوري قبل انزال منتجاتهم في الموانئ التونسية وهو ما أدى الى شح كبير في السلع في الأسواق التونسية. اما وجود وزير العمل في الوفد المرافق لرئيس مجلس الوزراء فيعني المساعدة في حل ازمة البطالة المتفاقمة في تونس عبر تعزيز اليد العاملة التونسية في دولة قطر بإعداد مهمة سيكون العائد منها مضاعفا أولا بتخفيض نسبة العاطلين عن العمل في تونس وثانيا بضمان تدفق أموال جديدة الى تونس من تحويلات العمال بقطر والتي ستكون في حجم معتبر بالنظر الى ارتفاع الأجور هناك مقارنة بباقي الدول المتواجدة بها جاليات تونسية. وقد جدد رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية القطري العزم على تعزيز حضور الكفاءات والإطارات التونسية في قطر وتنويع مجالات التعاون الفني وتبادل الخبرات في عدّة قطاعات ما يفيد بتوفر الاف فرص العمل للتونسيين الراغبين في الهجرة ممن ضاقت بهم السبل في تونس ما جعل بعضهم يركب البحر مغامرا في هجرة سرية احتمال فشلها اكبر من نجاحها ومع ذلك يقامرون بارواحهم هربا من بطالة طال امدها في ظل ازمة اقتصادية استفحلت وحدت من صنع نمو يوفر مواطن شغل جديدة. حسب بلاغ رئاسة الجمهورية عند استقبال الرئيس قيس سعيد يوم الثلاثاء 28 فيفري 2023 بقصر قرطاج، للشيخ خالد بن خليفة بن عبد العزيز آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية بدولة قطر تم التعرض إلى العديد من المشاريع الاستثمارية والتنموية التي بقيت معطّلة ليطالب قيس سعيد بأن تجد طريقها إلى التطبيق وتجاوز كل العقبات التي تقف حائلا أمام تنفيذها وهو ما يعني أن التنسيق بين البلدين كان مثمرا حول المشاريع المعطلة وهي سياحية وفلاحية وصحية والتي عرقلت البيروقراطية في تونس المضي فيه قدما حارمة الاف التونسيين من فرص إيجاد مواطن شغل وأيضا مؤسسات استشفائية متطورة وتمويلات مهمة لباعثي المشاريع من الشبان وحرمت السياحة من فنادق توفر منتجات سياحية يطلبها الحرفاء من مختلف بلدان العالم ولا تتوفر في تونس بالشكل الذي يساعدها على استقطاب أسواق جديدة وحرفاء قادرين على الانفاق وتغذية خزينة البلاد بالعملة الصعبة من خلال كثرة عددهم أولا ومن خلال قدراتهم العالية على الانفاق ثانيا وهو ما يساهم في انعاش مهن ومشاريع مرتبطة بالسياحة. خلال اللقاء مع رئيس الجمهورية أعرب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية القطري عن استعداد بلاده لتمويل عدّة مشاريع بتونس أو المساهمة في إنجازها ليخص بالذكر منصة الإنتاج بسيدي بوزيد ومستشفى الأطفال بمنوبة ويمثل المشروع الأول فرصة مهمة لتستعيد سيدي بوزيد دورها الفلاحي الذي تخلت عنه بعد ان كانت أحد اهم المزودين للبلاد بالخضر بسبب غياب مؤسسة متطورة قادرة على استيعاب الإنتاج المهم من الخضر والغلال في افضل الظروف فلا يصيبها تلف وتجد طريقها الأفضل عبر وسائل التوزيع لتصل الى المستهلك بأسعار تساعد الفلاح على مواصلة الإنتاج بل وتوفر فرصة للتصدير نحو البلدان المجاورة لتكون سيدي بوزيد قطبا فلاحيا مغاربيا فيقبل شبابها من جديد على الفلاحة بعد ان هجرها لتفاقم المصاعب امامهم ويعوضونها بالعمل في التهريب وما جره من آفات على الاقتصاد التونسي. كما تحدث الضيف القطري عن مستشفى الأطفال بمنوبة والذي “تكاسل” الجانب التونسي عن إتمامه لأسباب تعكس تخلف الإدارة التونسية وعجزها عن مواكبة الرغبات الرئاسية في أن تجد طريقها إلى التطبيق وتجاوز كل العقبات التي تقف حائلا أمام تنفيذها .. هذا المستشفى وبالنظر الى قيمة ما تم تخصيصه له من تمويلات سيكون صرحا طبيا تونسيا يزيح العبء عن مستشفى الأطفال الحالي بباب سعدون والذي صار غير قادر على استيعاب المرضى من الأطفال القادمين اليه من كل انحاء الجمهورية ما اثر سلبا على خدماته وصار يحتاج الى مؤسسة أخرى تستجيب لروح العصر ولما استجد في الطب من تطور ستعاضده ليجد الطفل التونسي ما يستحقه من رعاية صحية.

الرياضة كان لها نصيب أيضا في زيارة الشيخ خالد بن خليفة بن عبد العزيز آل ثاني الى تونس اذ كان التعاون في المجال الرياضي من محاور حديثه مع رئيس الجمهورية واعدا بنقل أحد الملاعب التي احتضنت نهائيات كأس العالم الأخيرة إلى تونس وامام ما رأيناه خلال المونديال الأخير من اعجاز معماري في كل الملاعب التي احتضنت مباريات كاس العالم فان أي ملعب منها سيتم تحويله الى بلادنا سيمثل إضافة مهمة للبنية التحتية الرياضية عندنا وهي المفتقرة الى ملاعب ذات طاقة استيعاب مهمة باستثناء ملعب حمادي العقربي برادس. اما في ما يخص التمويلات التي تأخرت في الوصول الى تونس فان زيارة رئيس مجلس الوزراء القطري الى تونس كانت مناسبة أظهرت ان دولة قطر ستشكل ضمانة مالية جديدة لتونس ترفع الفيتو المرفوع امامها من عدة ممولين سواء كانوا دولا او مؤسسات مانحة وهو ما سيمثل منفذا مهما لبلادنا تستطيع الخروج منه نحو آفاق أرحب اقتصاديا وماليا بل ستكون مدخلا يجعل صندوق النقد الدولي يوافق على توقيع الاتفاق النهائي مع تونس وهو الذي اشترط قبل النظر في ملفها في اجتماعات مجلس ادارته توفر تمويلات خارجية لميزانية بلادنا لهذا العام بل ان الزيارة مثلت إجابة مقنعة لما قالته مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، من أنها تلقت تأكيدا من “أصدقاء تونس” على دعمهم الثابت لها والذي سيكون رهين بضعة أسابيع وليس بعد أشهر ومن غير دولة قطر تهب لنجدة تونس ماليا بسرعة ودون قيد او شرط وهي الأكثر اقراضا لتونس وصاحبة اكبر وديعة لديها. ان قيمة زيارة رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية القطري الى تونس يلخصها ما قالته رئيسة الحكومة خلال استقبالها لضيف تونس في قصر الحكومة بالقصبة حين أكدت تطلع بلادنا إلى استعادة نسق انجاز المشاريع الاستثمارية خاصة تلك المنصوص عليها ضمن رؤية تونس في أفق 2035 والتي تتطلع تونس إلى أن تكون دولة قطر الشقيقة إحدى مموّليها عبر آلياتها التنموية والاستثمارية، خاصة في مجالات الطاقات المتجددة والسياحة والطب و باقي المجالات. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى