قضايا وآراء

رأي: قراءة في الانتخابات الجزئية بألمانيا

بقلم: سعيد الزواري – صحفي تونسي

 لماذا هذه الانتخابات: 
بعد لقاءات ومشاورات للتحوير الحكومي الفارط، قيادات النداء تجبر يوسف الشاهد على تعيين النائب حاتم الفرجاني في منصب مستحدث( هل كنا في حاجة له؟ )، كاتب دولة للخارجية والهدف إفراغ مقعد ألمانيا، وتمهيد ترشح حافظ قائد السبسي للمنصب وضمان فوزه بعد تعهد النهضة بعدم الترشح هناك، وبالتالي يبقى الطريق سالكا لحافظ ليصل إلى نائبا في المجلس ثم رئيسا للكتلة، ثم رئيسا للمجلس خلفا لمحمد الناصر ( وهذا مؤكد ). وفعلا رضخ يوسف الشاهد تحت الضغط، لكن عدة عراقيل حالت دون اكتمال الخطة في جزئها الاخير وتراجع حافظ عن الترشح. تذكرون جيدا حملة ‘ ولدك في دارك’ وتحدي بعض المرشحين لحافظ شخصيا و حافظ يقرر التراجع وتغييره بمرشح بديل.( قضينا في ذلك ما يقارب ال 4 اشهر ).

_ الانتخابات: 
وقع التحضير منذ أشهر لهذه الانتخابات الجزئية، الهيئة خصصت 5 دوائر اقتراع مقابل 15 دائرة في انتخابات 2014. وتم تخصيص ما يقارب النصف مليار كلفة هذه الانتخابات. واختارت ثلاثة أيام فقط في نهاية الأسبوع لإجراء الاقتراع، وهو في اعتقادي وقت ضيق جدا خاصة مع نقص دوائر الاقتراع وبعدها، بعضها يبعد اكثر من 400 كلم. ولم يوضع في الاعتبار مثلا وضع الطلبة الذين يشتغلون نهاية الأسبوع لتأمين حاجياتهم وتكلفة تنقل العائلات. كان بالإمكان تمديد مدة الاقتراع.

_كيف قرأ النداء هذه الانتخابات.
بعد تراجع حافظ قائد السبسي عن الترشح وقع الاختيار على مرشح بديل للنداء مع تواصل تعهد حركة النهضة بعدم الترشح ودعم مرشح النداء. وقع القياس على الانتخابات التشريعية الأخيرة وبالتالي فإن فوز مرشح النداء كان أمرا محسوما، حيث سيجمع ما يفوق 5 آلاف صوت بمعدل 76% من الأصوات وهي نتائج النهضة والنداء في انتخابات 2014 بالمانيا.

– النداء ينهزم ويفوز ياسين العياري.
كان الأمر يسير طبيعيا وكاد الزرقوني أن يصدق وهو الكاذب، حتى خرج الباجي قائد السبسي في حوار في فرانس 24 قبيل الانتخابات وخصص جزء مهما من حديثه عن التوافق اولا وحركة النهضة ثانيا طالبا منها مزيد التنازلات، بعض الحديث اغضب قيادات الحركة ومناصريها، الذين قرروا الرد بعدم دعم مرشح النداء مع الالتزام بعدم دعم اي مرشح وهو ما حصل الا مع بعض ‘المتمردين’ الذين صوتوا لياسين العياري. هذا الاخير لم يفز لكفائته أو أنه كان الأجدر بالفوز. نعم اشتغل كثيرا خلال المدة الأخيرة تابعت حملته وقد اشتغل بكامل طاقته، كما أنه استغل جيدا خبر ترشح حافظ وقدم نفسه ندا له وهذا جلب له عديد المؤيدين وأصبح يتقاطع مع حملة ‘ولدك في دارك ‘ التي استفاد منها كثيرا. ‘مكينة’ حركة النهضة لم تتحرك تقريبا في هذه الانتخابات، وجاء الدعم للعياري من حراك تونس الإرادة اقتسمه مع التيار الديمقراطي الذي حقق نتائج مقبولة.

_نسبة التصويت.
ضعف نسبة الإقبال على التصويت هو الفضيحة الكبرى في هذه الإنتخابات، اولا عزوف الناخب عن الإدلاء بصوته هو الأمر المخيف خاصة وأن الانتخابات القادمة على الابواب ونتائج كهذه ربما تعصف بالقليل الذي تم بناؤه. ثانيا من ناحية قدرة ‘الماكينة الانتخابية ‘ في التلاعب بالنتائج حسب المصلحة خاصة مع تمردها احيانا واللجوء إلى التصويت العقابي. لن تهتم الاحزاب لهذا الأمر ابدا. ناهيك أنه تم صرف ما يقارب نصف مليار لمنصب نائب لسنة ونصف إن بقي.

_هل يصل ياسين العياري للمجلس ؟
في تقدير شخصي لن يسمح لياسين العياري بدخول قبة المجلس كنائب، للرجل قضايا جارية قد يقع تحريكها قبل حصوله رسميا على الحصانة البرلمانية وهو ما ستسعى إليه عدة شخصيات وأحزاب سياسية وسيبقى مهددا بالسجن أن عاد. وهنا يصعب التكهن بما قد يحصل بعدها. ستشاهدون كثيرا صورة ياسين العياري مع العلم الاسود وتاريخ مواقفه منذ فتح حسابات على الفايسبوك ( هنا لا اتحدث عن مشروعية ما يكتبه من عدمها).
_مآلات النتائج.
اذا ما بقي الوضع السياسي على ما هو عليه، فالمستفيد الاكبر هو حزب حراك تونس الإرادة، لمن تفاجأ بياسين العياري اليوم سيتفاجأ بالمنصف المرزوقي في 2019.
ايضا سيقع تحميل حركة النهضة هذه النتيجة، ليس نتيجة انهزامهم بل فوز ياسين العياري. وقد اصبح التوافق – الهش- بين النهضة والنداء مهددا اكثر من اي وقت مضى وبات يلفظ أنفاسه، ( في كواليس الحزبين كثيرا ما تناقش فكرة فك الارتباط مع الطرف الآخر ). نتائج ذلك غير محسوبة، غير ان حكومة يوسف الشاهد أصبحت في مهب الريح، ايامها معدودة ومن الوارد جدا أن يقع الالتجاء الى حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات مبكرة. وسيجدون مبررا لكل ذلك.
* هذه نتائج الانتخابات التشريعية بالمانيا 2014.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى