أخبارتونس

(خفايا مهمّة ، كواليس السياسة وصنع القرار) – هذا ما كشفه محمد الناصر في “جمهوريتان، وتونس واحدة”

كيف قضّى محمّد الناصر في قصر قرطاج التسعين يوما الحاسمة، رئيسا للجمهورية بالنيابة في صائفة 2019، بينما كانت تونس مهدّدة بالفوضى وانفلات الأمن في خضّم الحملات الانتخابيّة؟ وماذا حدث بالضبط في قصر باردو يوم 27 جوان 2019 عند أوّل توعّك طرأ على صحّة الرئيس الأسبق الباجي قايد السبسي؟ وكيف نجت البلاد من عديد العواصف والأخطار؟

خفايا هذه الوقائع وغيرها،نكتشفها من خلال مذكرات محمّد الناصر التي صدرت مؤخرا تحت عنوان “جمهوريتان، وتونس واحدة” عن دار ليدرز في 684 صفحة،تحلّت بما لا يقلّ عن 88 صورة.

ولكن، من هو محمّد الناصر؟ وماذا عن أسرته؟ وكيف كانت نشأته في مسقط رأسه الجم، وقد فقد والده وهو لم يتجاوز بعد سن الثامنة من عمره؟ وكيف وفد صغيرا إلى العاصمة للدراسة، وسكن في احدى الوكايل المتهاوية، ودرس بالصادقية ثم خزندار، وكيف اشتغل قيّما ومعلما وتولّى تقديم دروس خصوصيّة لأحد أبناء البايات؟

كان محمّد الناصر يطمح للسفر إلى فرنسا لدراسة الطبّ، ولكن عسر المال اضطره للبقاء في تونس فاختار الحقوق وبرز ضمن قيادة الاتحاد العام لطلبة تونس، وعند تخرّجه، لم ينخرط مباشرة في المحاماة إذ فضّل العمل، في سنة 1958 بوزارة الشغل والشؤون الاجتماعية، لينطلق في مسيرة طويلة قادته إلى وظائف سامية وأعلى المراتب ولكن أيضا إلى الاستقالة من الحكومة قبيل حوادث 26 جانفي 1978 الدامية وتحمل تبعات قراره، والاشتغال بالمحاماة… قبل العودة للحياة السياسية.

محمّد الناصر، الموظف السامي، ومؤسس ديوان التكوين المهني والتشغيل، ووالي سوسة والمنستير والمهدية، ووزير الشؤون الاجتماعية، والسفير بجينيف، ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وكذلك رئيس بلدية الجم والنائب بالبرلمان، يفتح في مذكراته صندوق أسراره،مستعيدا ذكريات الطفولة والشباب، ثمّ المسؤوليات التي اضطلع بها، مستعرضا مواقف مفصلية، عاشها شاهدا وفاعلا، مسلّطا الضوء لأول مرة عن خفايا مواقف تاريخية.

عن جمهورية الاستقلال التي ساهم في بنائها، والجمهورية الثانية التي عمل على إرساء أولى لبناتها، وعن تونس التي تفانى في خدمتها، يقدم محمّد الناصر في مذكّراته شهادة تاريخية متميّزة، تمتزج فيها الذّكريات بالتحاليل، وتتقاطع فيها الأحداث مع الانطباعات التي رسخت في ذاكرته عن بورقيبة والهادي نويرة والحبيب عاشور والباجي قايد السبسي وعديد الشخصيات الوطنية والأجنبية ورؤساء الدول والحكومات.

كتاب “جمهوريتان، وتونس واحدة” لمحمّد الناصر، هو رحلة ممتعة في كواليس الحكم وصنع القرار، وقد عكف على تأليفه بنفسه،مباشرة غداة تسليمه لمقاليد الرئاسة يوم 24 أكتوبر 2019 إلى الرئيس المنتخب قيس سعيّد، وقضّى في ذلك أكثر من سنة كاملة من الكتابة والتدقيق، ليأتي في صياغة أنيقة بأسلوب جذّاب، يروي قصة حياة، ويشرح الأحداث ويكشف شخصية رجل دولة، نشأ يتيما في أسرة متواضعة بمدينة الجم، وقادته الأقدار ليكون رئيسا للجمهورية بالنيابة في أصعب وقت تحتاج فيه تونس لأبنائها الأوفياء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى