أخبارتونسمجتمع

إطارات وزارة الداخلية يطالبون بالتسريع في تمرير مشروع قانون حماية الأمنيين ومراجعة قانون المخدرات

عقدت لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية التي ترأسها سماح دمق النائبة عن قلب تونس أمس بقصر باردو جلسة خصصتها للاستماع إلى المدير العام لحقوق الإنسان بوزارة الداخلية حول الإجراءات الحدودية وخاصة منها إجراء الاستشارة قبل المغادرة المعروف بإجراء الآس 17، كما استمعت اللجنة إلى عدد من الإطارات الأمنية حول تفاقم ظاهرة البراكاجات. وكانت هذه الظاهرة محور اهتمام لجنة الأمن والدفاع مؤخرا، لكن لجنة الحقوق والحريات أرادت أن تتناولها من زاوية حقوقية بمعنى تسببها في الحد من حريات المواطنين خاصة حرية التنقل وتسببها في الحد من حق الأفراد في الأمن والإحساس بالأمان.

600 اعتداء على الامنيين
وبالمناسبة طالب ممثلو وزارة الداخلية مجلس نواب الشعب بالتسريع في تمرير مشروع القانون المتعلق بحماية الأمنيين مؤكدين على وجود ضرورة قصوى لتمريره نظرا لتكرر الاعتداءات على أعوان الأمن حيث تم تسجيل 600 اعتداء خلال السنة الماضية على أعوان كانوا بصدد مجابهة الجريمة، وبينوا أن هناك من الأمنيين من تعرض إلى تشويه للوجه، وذكروا أن إضفاء الإحساس بالأمن تتحمل فيه وزارة الداخلية جزءا من المسؤولية لكن الجميع معنيون بالأمن، دولة ومجتمعا مدنيا وساسة وإعلاما، وقالوا إنهم يطمئنون التونسيين بأن جهاز الأمن يسير في الطريق الصحيح في مكافحة الظواهر الإجرامية وهو يتقدم من سنة إلى أخرى في مستوى التحكم في الجريمة بمختلف أصنافها وبأن الوضع اليوم أفضل مما كان عليه سنة 2010، كما أكدوا على أن ما تم تداوله خلال الفترة الأخيرة من أخبار كثيرة حول البراكاجات وغيرها من الجرائم فيه الانطباعي على الفوضوي على سيء النية وصولا إلى التهويل والمغالطة وهذا على حد تأكيدهم يراد منه استهداف معنويات الأمن والتشكيك في قدراته لكن الأمن في منتهى اليقظة، فالأمن حسب قولهم هو الذي منع الانحراف وهو الذي حال دون الاحتراب الاجتماعي بعد 2010 في ظل مناخ ضربت فيه القيم وساد فيه التشنج والخطاب العنيف..
وكشفت إطارات وزارة الداخلية معطيات مرعبة عن المخدرات، منبهين البرلمان إلى أن التنقيح الذي تم إدخاله سنة 2017 على القانون عدد 52 لسنة 1992 المتعلق بالمخدرات والرامي إلى الحد من العقوبة على الاستهلاك، كان له تأثير سيء جدا نظرا لأنه أدى إلى انتشار الاستهلاك فالنسبة الكبيرة من الموقوفين في قضايا مخدرات هم مستهلكون ويمثلون 70 بالمائة من الموقفين وجلهم ينتمون للفئة العمرية بين 18 و25 سنة ثم الفئة العمرية بين 25 و30 سنة وتزايد الاستهلاك حتى في صفوف الأطفال المتمدرسين، وقدموا معلومة استرعت اهتمام النواب مفادها تسجيل زيادة بـ 8 مرات في عدد المحجوز من الأقراص المخدرة خلال سنة 2019 مقارنة بسنة 2018، حيث تم سنة 2019 ضبط ما يفوق 500 ألف قرص مخدر وهو دليل على وجود تطور نوعي للظاهرة، وذكروا أنه لا يوجد تفسير لهذا الأمر غير التنقيح المذكور لقانون المخدرات، فهذا التنقيح على حد تأكيدهم خلق سوقا للمخدرات في تونس نقلا وترويجا وتخزينا واستهلاكا.
الداخلية وحقوق الانسان و الاس17..
محمد علي الخالدي مدير عام حقوق الإنسان بوزارة الداخلية أكد لنواب اللجنة أن الرقم الذي تم تداوله في علاقة بعدد المشمولين بالإجراء الحدودي «اس ديس سات» والمقدر بـ 35 ألفا ليس صحيحا. وبين أنه مباشرة بعد الإعلان عن تكوين إدارة حقوق الإنسان صلب وزارة الداخلية كان ملف الاجراء الحدودي «اس ديس سات « »17 الذي يسمى إجراء الاستشارة قبل المغادرة أول الملفات التي وضعت على طاولة الدرس وفي هذا السياق تم القيام بدراسة مقارنة تبين من خلالها أن كل دول العالم لديها اجراءات وقائية مماثلة.. ويتم اللجوء إلى هذا الإجراء في تونس عند وجود شبهات عالية المستوى بخصوص أشخاص معينين، من قبيل شبهات إرهابية أو شبهات جريمة منظمة.. وفسر الخالدي أن الأشخاص المشمولين بالإجراء الحدودي ليسوا كلهم مشتبه فيهم بالإرهاب، إذ أدى اعتماد إجراء الاستشارة قبل المغادرة إلى الحد من جرائم المخدرات وجرائم الدعارة وجرائم الاتجار بالأشخاص بصفة عامة.. وذكر مدير عام حقوق الإنسان أن الجهاز الأمني عندما يتوصل بمعلومات حول وجود شبهة اتجار بالبشر هو مطالب آليا باتخاذ إجراء وقائي من باب الاستشارة وليس بهدف المنع من السفر كما يقول البعض، وفسر أن عملية الاستشارة تتطلب أحيانا وقتا طويلا في المطار الأمر الذي يؤدي إلى عدم لحاق المعني بالطائرة.
وقدم الخالدي للنواب معطيات فنية حول كيفية التعاطي مع الأشخاص المشمولين بإجراء الاستشارة قبل المغادرة وذكر أنه من بين الاجراءات المتخذة للحد من اللجوء لهذا الإجراء، اعتماد وثيقة رفع الالتباس لكل متضرر من الاجراء بسبب التشابه في الأسماء كما تم اصدار تعليمات من قبل وزير الداخلية للاقتصار على إجراء واحد لكل شخص أي ان نفس الشخص يجب ألا يكون محل أكثر من إجراء حدودي مع فتح الإمكانية للشخص المعني بالإجراء حدودي لكي يتظلم لدى المحكمة الادارية وذلك فضلا عن تحيين قائمة المشمولين بهذا الاجراء وخلص إلى أن اغلب الدول في العالم تطبق الاجراءات الحدودية وفي فرنسا على سبيل الذكر هناك 400 ألف مواطن مشمولين به.
ظاهرة البراكاجات
عند تناول موضوع البراكاجات تدخل خليفة هروم مدير عام الامن العمومي للأمن الوطني وأشار إلى تراجع في عدد القضايا المسجلة خلال سنة 2019 مقارنة بسنة 2018 بنسبة 2 بالمائة وهي تفوق 200 ألف قضية بجميع تصنفيات الجريمة وأنواعها وبلغت نسبة النجاج في القضايا 82 بالمائة وفي ما يتعلق بالبراكاجات واعتمادا على منظومة الاحصاء الجنائي فهي تأتي في باب جرائم السرقات والعنف التي تمثل 43 بالمائة من جملة القضايا في حين تمثل قضايا المخدرات 2 بالمائة. وأضاف أن البراكاجات تصنف في خانة جرائم الطريق العام وهي تمثل الشغل الشاغل للوزارة. وأضاف أنه بالنظر الى الجرائم بصفة عامة يبين التشخيص أن 40 بالمائة من القضايا مسجلة في ولايات تونس الكبرى الأربع وهي تونس واريانة وبن عروس ومنوبة تليها ولايات كبرى وهي صفاقس ونابل وسوسة وبنزرت أما بقية الولايات فإن مؤشرات الجريمة فيها أدنى بكثير وهذا لا يحول دون الإشارة إلى وجود ولايات أخرى أصبحت تبرز فيها مؤشرات الجريمة مثل القيروان.
وأضاف هروم أنه بالنظر الى جرائم السرقات يتبين أن خمسين بالمائة من البراكاجات تحصل في العاصمة وأضاف أنه تم تسجيل تراجع بنسبة تتراوح بين 8 و10 بالمائة في هذه الجرائم خلال سنة 2019 مقارنة بسنة 2018. وبين مدير عام الامن العمومية للأمن الوطني أن الفئة العمرية المعنية أكثر من غيرها بارتكاب جرائم البراكاجات هي فئة 18ـ 25 سنة وفئة الأطفال من 14 إلى 18 سنة وهذه الجرائم مردها أسباب اقتصادية فمن يرتكبونها يريدون الحصول على أموال وليس لأسباب أخرى كما أن اغلب المورطين هم من العاطلين عن العمل والمنقطعين حديثا عن الدراسة ولعل العنصر المفاجئ هو ارتفاع نسبة المتمدرسين منهم.
ولاحظ ممثل وزارة الداخلية أن المنظومة القانونية وخاصة القانون عدد 5 لسنة 2016 المتعلق بتنقيح وإتمام بعض أحكام مجلة الاجراءات الجزائية ليست ايجابية وذكر ان الضابطة العدلية فوجئت بالقانون عدد 5 لأنها لم تكن مهيأة لمثل تلك الاجراءات التضييقية التي جاء بها وهي اجراءات مست من صلاحيات الضابط العدلي الممارس بشكل كبير ففي السابق كان يقوم باجراءات اولوية يعلن فيها وكيل الجمهورية ويقوم ببحث أولي ثم يصدر برقية لكن بالقانون عدد 5 تم سجب هذه الآلية وحتى جنحة التسول أصبح مطالبا حيالها باستشارة النيابة العمومية بصفة وجوبية وهو ما قيد الضابطة العدلية كثيرا اضافة الى قيد آجال الاحتفاظ وإحضار محام فهذه الاجراءات مست الأداء في العمق والاجراءات الاحترازية الاولية التي كان الأمن يجابه بها جرائم الطريق العام من سكر وسرقة تم تقييدها كثيرا.
ودعا خليفة هروم نواب الشعب الى دعم الميزانية المخصصة لوزارة الداخلية وبين أن هناك العشرات من الوحدات الأمنية التي تفتقر لأبسط المعدات وهناك نقص بثلاثمائة سيارة وهناك وحدات أمنية ليس لها مقرات وطالبهم بالتأني في دراسة مشروع مجلة الاجراءات الجزائية ومشروع قانون المخدرات وذكر ان النظرة الليبرالية في التعاطي مع قانون المخدرات تتطلب اعادة نظر ومن يقول ان المستهلك ضحية كلامه مجانب للصواب. ونبه الى وجود موجة من العنف الحضري في الأحياء الشعبية بالعاصمة بدأت تبرز وتتسع رقعتها وهي مرتبطة بفرق رياضية لكن عند ضبطها يجدون المولوتوف والآسيد وهذه الموجة منتشرة لدى الشريحة العمرية التي تقل عن 18 سنة وقال إن أكثر ما يخشاه هو أن يكون هؤلاء الأطفال وقودا لأطراف أخرى.
سرقة المواشي
عدنان المنيسي مدير عام الأمن العمومي للحرس الوطني بين أن البراكاجات كانت سنة 2016 تمثل 8 فاصل 9 بالمائة من السرقات و1 فاصل 32 بالمائة من اجمالي قضايا الحق العام وأصبحت في جانفي 2020 تمثل صفر فاصل 9 بالمائة فمؤشر الجريمة بصدد النقصان وفي المقابل فان عدد الايقافات ارتفع من 30 الفا سنة 2016 إلى 38 ألفا سنة 2019 ، وقال إن معالجة الظاهرة لا يمكن ان تكون معالجة أمنية صرفة بل يجب معالجتها اقتصاديا واجتماعيا وتربويا.. وبين أنه يريد ان يوجه رسائل طمأنة للمواطن بأن الأمن منتشر في كل مكان وقد امن الانتخابات البلدية والتشريعية والرئاسية إلى جانب التظاهرات الرياضية والثقافية والمهرجانات والموسم السياحي والامتحانات إلى جانب اضطلاعه على أفضل وجه وبعزيمة وإرادة بدوره في مكافحة الارهاب بالتنسيق المتواصل مع الوحدات العسكرية.
وأضاف المنيسي أن معالجة الإجرام لا تتم فقط عبر التعاطي الأمني معها بل يمكن أن يساهم المشرع في الحد من الإجرام فعلى سبيل الذكر أدى تطبيق القانون المتعلق بحماية الفلاحين من السرقات الذي تم بموجبه تشديد العقوبة على سراق المواشي إلى تراجع في سرقة المواشي بنسبة 25 بالمائة، كما يمكن أن يساهم المشرع من خلال الميزانية المرصودة لوزارة الداخلية في دعم قدرات الجهاز الأمني على التصدي للجريمة. وبين أن الوزارة لديها منظومة إحصائية تسمح لها بمعرفة الأمكنة التي تحصل فيها سرقات أكثر من غيرها وهي عموما الساحات العمومية ومحطات النقل العمومي وبعض الفضاءات الترفيهية والتجارية لذلك يكون الانتشار الأمني محكما ومدروسا في هذه الفضاءات.
وخلص الى أن المعالجة الأمنية للظاهرة الإجرامية غير كافية بل لا بد من مراجعة الخطاب الإعلامي المتشنج والمحتقن لأنه يؤثر على سلوكيات الأطفال فالطفل يتأثر بصور التشنج والاحتقان والعنف اللفظي التي يشاهدها يوميا منذ عام 2011 وهو ما يفسر انتشار العنف في الوسط المدرسي وأصبح التلميذ يعنف أستاذه.
وبعد تقديم هذه البيانات واصلت لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية جلستها مع إطارات وزارة الداخلية بصفة سرية نظرا لعلاقة الإجراء الحدودي أس 17 بالمعطيات الشخصية للأفراد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى