أدبثقافة

كتاب في دقيقية: نظام التفاهة لأستاذ الفلسفة والعلوم السياسية في جامعة كيبيك الكندية الان دونو

بقلم سندس الهادي – يعتبر هذا الكتاب من أهم الكتب الحديثة الناقدة بشكل حاد وتفصيلي  للنظام العالمي الحديث وما يمثله من تفاهة في كل المجالات ابتداءا بالمجال الاكاديمي للجامعات إلى الاعلام والفن مرورا بالاقتصاد ساردا الأمثلة التوضيحية ونماذج لشركات وشخصيات سماها بالاسم ولم يتخذ طريقة الغموض والتعميم ككل الناقدين بل هو ينتقد هذه الطريقة الغامضة. الفصل الأول: المعرفة والخبرة يتحدث الكتاب عن الاكاديميين باعتبارهم المسؤولون عن عللنا الإجتماعية فكلما حاولنا فحص أسباب مخاطرنا الجمعية درسناها ونحن مقطوعو الصلة بالعالم، متخصصون في مجالات معرفية فرعية متناهية الصغر، فاقدون للقدرة على التفكير النقدي، مهوسون بالتطور الوظيفي، وموالون لشبكاتنا الاجتماعية من الزملاء التي تبدو إلى القبائل أقرب. ويتحدث كيف تم قلب الثقافة رأسا على عقب الى ان تحولت إلى مجرد صناعة للترفيه، وتم استعمار العقول من قبل الإعلان التجاري ،وسيطرة نظام التمويل الدولي على الاقتصاد  وعلى أبحاث الجامعات وانتاجها. ويشير ان جامعات النخب اصبحت أحد مكونات جهاز اليوم الصناعي ،المالي، والايدلوجي. وان شركات تستطيع أن تغلق مركزا بحثيا وتفتح آخر، واصبحت الجامعات تسمى باسماء رجال الاعمال وكراسي البحث العلمي اسماء الشركات، والمنح باسماء راعيها، فبعد أن كان في السابق قبل مائة عام يتم انتقاد ان الجامعة تغرق في التفاهة بسبب تسليم نفسها لاغراء العلاقات التجارية وكان الزبائن هم الطلبة، اما اليوم فقد ساء الأمر إلى أن أصبح الاكاديميين هم السلعة ذاتها. يستمر الكاتب بالإشارة إلى ابتعادنا عن عملية المعرفة التي نكتشف من خلالها وعينا وما هو قادر عليه ،لقد وصلنا الى درجة الحمولة القصوى بانتصار النزعة الإنتاجية وما يصاحبها من عمليات تراكمية يفقد خلالها الاكاديمي عقله. واصبحت البحوث العلمية والاكاديمية مؤطرة ضمن إطار معين ومحدد مسبقا فالاستاذ المميز يشعر بالقلق من أي مقترح علمي ان لم يقدم وفق لمتطلبات الفكر الموضوعي، واذا تبدت له صلاحية فكرة ما ولم تكن مصاغة بشكل ملائم للبيئة الأكاديمية يمكنه سرقتها من دون ذكر مصدر حصوله عليها. – أن تلعب اللعبة يعرض الكاتب هذا الشعار باعتباره شعار المرحلة التافهة وهي عبارة دراجة ايضا في العالم الإجرامي، وهي تعني إقصاء العقل والمنطق، وتشمل الكثير من المعاني المتناقضة القاصدة للسماح بالهرب من الواقع الاعتباطي للعلاقات العارية للسلطة والمعاملات الخفية والمخجلة.،واللعبة هي كناية عن نظام سياسي آخر ذو بنية قائمة بشكل سيء غير ديمقراطي. ثم يشير إلى أن الباحثين الذين يزعج عملهم المصالح المتنفذة سوف يدفعون الثمن جراء ذلك اما بالتسريح من العمل أو عرقلة عثورهم على عمل. ويتقبس من ايفون ريفارد ” الأستاذ الجامعي الجيد اليوم، هو الأستاذ المعفي من التدريس لأنه حصل على الكثير من المنح حتى صار ينبغي أن يكرس نفسه للبحث في شيء هو يعرفه سلفا، من خلال تقديم مشروع مع الميزانية والببليوجرافيا الى باحثين محكمين كان هو نفسه قد قام بتقييمهم في منافسات سابقة” والخلاصة لهذا النظام هي الكاتب العاطل عن العمل، والمعلم غير المستقر والأستاذ الجاهل. – الفصل الثاني: التجارة والتمويل يشرح الكاتب كيف أصبح السوق الاقتصادي وخاصة أسواق البورصة يعمل الآن من دون تدخل العقل البشري بل يحرك من خلال خوارزميات وكيف تلعب هذه الآلات بكل من مدخرات الأفراد ذوي الدخل المحدود دون معرفة كيفية علمها، والديون الوطنية للدول وقيم العملات ،وان الأسواق حاليا في ساحة قتال، وان من يمتلك الخوارزميات الأسرع والأقوى سيخرج منها منتصرا، وهذا النظام هو سبب الأزمات الدورية. ويسهب بشرحه ان الاقتصاد أصبح غبيا ،فالشركات الكبرى التي تصرف المليارات على مديريها ويستاجروا بتلك الاموال افخم الطائرات الخاصة، تقوم الدول في اي أزمة مالية بدعم هذه الشركات لتبقى على قدميها دون أن يتأثر أولئك المليارديرات بأي ازمة. ثم يتطرق كيف أصبحت الصين جزء من لعبة التفاهة هذه، -الخبراء يتحدث الكاتب في كل فصل عن مصطلح الخبير وهو أسوأ وظيفة حيث يقوم الشخص الخبير  بانقاذ الشركات والسياسيين ورجال الاعمال من الفساد السياسي والاخلاقي بطريقة التدليس وتفاصيل صغيرة تقلل من أهمية المشكلة وتحرف أنظار الرأي العام عنها. – المساعدات والمنظمات القاتلة ينقد الكاتب المساعدات الإنسانية القاتلة التي كلما انتشرت أصبحت الدولة والمؤسسات العامة تختفي تماما، وذلك لا يهم في ظل نظام الحوكمة فالمهم الشراكة بين اطراف المجتمع المدني المتعددة والغير متساوية، وهذا مصطلح يتم تفضيله دوما على مصطلح المواطنين او الناس ،وهكذا تصبح الفوضى مركزا للسلطة،والتفاهة عنوانا للنشاط السياسي والثقافي والاجتماعي . الفصل الثالث: الثقافة والحضارة يتحدث الكاتب عن نظام التفاهة في الثقافة والحضارة من خلال تطرقه لرأي الأثرياء والمشاهير ونمط عيشهم الذي أصبح يعكس ثقافة صناعية جمعية، ويضرب مثالا عن العائلات الغنية مثل عائلة ديسمارية التي تعتبر أقوى عائلة غنية لديها نفوذ سياسي في كندا وفرنسا. واصبح لهؤلاء دور في المجال العام  بل و نظام سلطة بلا انتخابات ولا معارضة . ثم يتحدث عن رأس المال الثقافي الذي يجمع السياسيين والفنانين والمثقفين ويصنع هو النتاج الثقافي وحتى الفني بتمويله طبقا لأهداف السوق لا للمعيار الجمالي،أي اصبحت الثقافة والفن سلع تجارية. الفصل الرابع: ثورة ،إنهاء ما يضر بالصالح العام في هذا الفصل يدعي الكاتب الى ثورة تسقط المؤسسات والسلطات التي تدمر الصالح العام بشكل خطير وجعلها من الماضي ،ويعتبرها مسألة عاجلة حتى لو كانت مجرد مسألة تتعلق بأشياء مثل حماية اي نظام بيئي ما زال يمكنه الافلات من الدمار الأعمى الذي تخلفه الشركات الكبرى.
الفصل الخامس: سياسة الوسط المتطرف ينتقد الكاتب في هذا الفصل اليسار الوسط الأوربي الذي أصبحت برامجه السياسية شبيه بالنيبوليرالية والليبرالية الفائقة  ويسرد نقد لكثير من الشخصيات مثل توني بلير باعجابه اللاهث بصناع الثروة او ما ذكرته مارغريت تاتشر ان اعظم انجازاتها كان توني بلير وحزب العمل الجديد.،وان كل أحزاب اليسار الأوربي حينما تولوا السلطة قاموا بمجرد برامج تقشفية موجهة ضد الفقراء فقط.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى