أحزابحواراتخاصسياسة

عبد الرؤوف العيادي: التجربة الديمقراطية التونسية بنيت وفق أجندات غربية..ودون مشروع وطني!

 

أكد عبد الروف العيادي رئيس حركة وفاء أنّ الحرب على الفساد التي أعلنها رئيس الحكومة يوسف الشاهد، ماهي  الاّ تصفية حسابات بين ما أسماهم لوبيات ومافيات حزب نداء تونس.

وأفاد العيادي في حوار أجراه مع صحيفة الوطن القطرية، تناول في جزئين الشأن التونسي والأزمة الخليجية، أنّ مشروع قانون المصالحة الاقتصادية المثير للجدل، هو تعهد بين الباجي قائد السبسي و بين الأطراف التي ساهمت في تمويل الحملة الانتخابية له ولحزبه نداء تونس في الانتخابات التشريعية والرئاسية الماضية.

كما بيّن أنّ الديمقراطية التونسية الناشئة بنيت وفق أجندات خارجية و دون مشروع وطني، مفيدا أنّ الظاهرة الارهابية التي استشرت في تونس منذ سنة 2011 تحمل في طياتها بصمات غربية.

واليكم كامل تفاصيل الحوار الذي تنفرد “نيوز بلوس” بنشره قبل بقية المنابر الاعلامية التونسية:

بداية أين يتموقع حزبكم في المشهد السياسي التونسي الآني ؟

لا بد من التذكير أولا أنّ البلاد عاشت انقلابا ناعما، في إخراج انتخابي، تمّ تمويله أساسا من أطراف خارجية وبواسطة رجال أعمال مورطين مع النظام السابق، وتمّ المقايضة خلالها بتصعيد رموز النظام السابق فيما يسمى اليوم بحزب “نداء تونس” مقابل عدم مسائلتهم ومحاسبتهم، وفي ظل عودة المنظومة المضادة للثورة، لا يمكن لنا إلاّ أن نتموقع في صف المقاومة، أكثر منه معارضة، ولا أدل على ذلك أنّه منذ عودة رموز النظام القديم وممارستهم للسلطة عبر قانون الطوارئ، بقينا متمسكين وملتزمين بخط الثورة ومتحسبين لأي انتهاك قد يطال الحقوق والحريات.

ماذا أعددتم للاستحقاقات الانتخابية القادمة..وهل بدأتم بالتفكير في التحالفات كغيركم من الأحزاب السياسية؟

الديمقراطية فيما يسمى ببلدان الربيع العربي وقع اختزالها فيما يسمى انتخابات، وهذا الأمر أريد به تغييب إرادة مشروع التحرّر العربي كمشروع كبير وهذا هو المضمون الذي يهمنا، بينما الديمقراطية هي  شكل من أشكال الحكم والانتخابات ما هي إلاّ آلية ولّدت أحزاب ممولة بصورة غير شفافة من أطراف داخلية وخارجية من اجل احتلال المواقع ومحاصصة السلطة، وكلّ هذا نعتبره إفراغا للمشروع الوطني من مضمونه، وما نشاهده اليوم هو عبارة عن ديمقراطية مخملية شكلية تخفي تنفيذ أجندات، واذا ما أجريت الانتخابات بنفس الشروط التي أجريت فيها في 2014، نحن غير معنيين بها.

في الفترة التأسيسية بين 2011 و2014 عرفت بدفاعك عن سيادة المجلس الوطني التأسي عكس عديد الأطراف التي كانت تنادي بحلّه اثر اغتيال الشهيد محمد البراهمي..ويوم التصويت على الدستور التونسي الجديد تحفظت عليه، فماهي الأسباب الحقيقية لذلك؟

من الاسباب، هو عدم التأكيد على تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني، وتحول المجلس الى أداة للمصادقة على مقرّرات ما يسمى بالحوار الوطني، الذي أنتج نصّا هجينا للدستور وأعاد احياء خيارات النظام القديم ولم يراعي قضايا الأمة العربية الاسلامية التي وقع التراجع عنها بتأثير من الوجوه الفرنكفونية وما يسمى برموز الحداثة، زد على ذلك وجود تدخل خارجي واضح في صياغته، ولا أدلّ على ذلك أنّ أروقة المجلس التأسيسي كانت تعمّ بمراسلي المخابرات الأجنبية، حتّى أنّ بعض النواب أصبحوا ينادون بترسيخ الهوية المتوسطية في الدستور بدل القيم العربية الاسلامية.

كيف تقيم آداء حكومات ما بعد انتخابات 2014؟

الحكومات المتعاقبة، حكومات الحبيب الصيد ويوسف الشاهد، جاءت اثر الارتداد على الثورة والالتفاف عليها، وهي حكومات تصريف أعمال، لم تتعمق في فحوى الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، ولم تحمل أهدافا واضحة، وهمها كان البحث عن توازنات بين مصالح اللوبيات والمافيات.

وماذا تقول عن الحرب على الفساد التي أعلنها رئيس الحكومة يوسف الشاهد؟ هل تراها حرب حقيقية تحمل ارادة سياسة، أم مجرّد مسرحية لإلجام الاحتجاجات الشعبية التي كادت ان تعصف بحكومته في الفترة الماضية؟

لا بدّ من الاشارة أنّ الحرب على الفساد هو مطلب ثوري قبل كلّ شيء، ويوسف الشاهد هنا أراد الركوب على هذا المطلب، فمن الحرب على الإرهاب الى الحرب على الفساد لا يمكن فهم ذلك الاّ في ظلّ الاحاطة بازمة حزبه نداء تونس والصراعات بين مكوناته من اللوبيات والمافيات التي لم تجد بدّا من تصفية بعضها البعض، واعتقد انّ ما أعلنه الشاهد، ليست حرب على الفساد بقدر ماهي تصفية حسابات بين لوبيات الفساد داخل حزبه نداء تونس.

وكيف تصف مشروع قانون المصالحة الاقتصادية الذي بادر به رئيس الجمهورية الباجي قائد السبدسي؟

هذا المشروع هو تعهد بين السبسي ومن لفّ لفه في حزب نداء تونس لمجازات اللوبيات والمافيات التي ساهمت في تمويل الحملة الانتخابية لحزبه نداء تونس سواء على المستوى التشريعي أو على المستوى الرئاسي، وتأمين الافلات من العقاب للمورّطين في الجرائم المالية.

برأيك ما هي مسببات تفاقم الازمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها تونس منذ أكثر من 6 سنوات ؟

أول الأسباب هي انعدام رؤى للاصلاح والعودة الى الوراء ومحاولة الرجوع الى النظام سابق، بعد انعطاف تاريخي متمثل في الثورة، وعدم طرح رؤى واضحة للنهوض بالشأن الاقتصادي والاجتماعي، والاقتصار على نظام تبعية للخارج مبني على المراهنة على خيارات السياحة والاستثمار الخارجي، وهي خيارات لم تأتي بنتيجة بعدما حصلت عديد الأعمال الإرهابية، لا ندري من يقف وراءها، فضلا على أنّ الجميع في تونس كانوا يعتقدون أنّ بعض الدول، الغربية، ستكون كريمة ومغداقة معهم، حتى أنّ هناك من حلم بمخطط مارشال لانعاش الاقتصاد التونسي مقابل تنازلات وتفويت في السيادة..

لماذا لم تحقق الثورة التونسية أهدافها، وما تفسيرك لتنامي الظاهرة الارهابية في تونس ؟

المؤامرة على الثورة التونسية، كانت كبيرة دوليا واقليميا، خصوصا بعد أحداث حرق السفارة الامريكية في تونس في 2012، وقتل القنصل الأمريكي في ليبيا، ثمّ حرق السفارة الاسرائيلية في مصر، الغرب حينها أدرك أنّ الثورات العربية تحوي بعد معادي لهم، خصوصا وأنّ هناك ارادة  للتحرّر والتخلص من ارث الوصاية الغربية، وبالتالي أصبحت الدول الغربية تخطط لاحتواء هذه الثورات والحيلولة دون أن تحقّق أهدافها المتمثلة في تحقيق الشعوب دول الربيع العربي لسيادتها على ثرواتها وبناء مجالها الثقافي وإعلاء لواء تحرير الارض في فلسطين، والغرب كما قلنا أراد اختزال الديمقراطية في انتخابات وحرية تعبير دون مشروع وطني، أي ديمقراطية الاجندات الغربية، كما انّ الظاهرة الارهابية في تونس تحمل بصمات غربية والرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولند اعترف بذالك.

رأيكم في التحالف بين حركة النهضة ونداء تونس، وتعليقك حول مظاهر التطبيع الثقافي والسياسي التي ظهرت مؤخرا في الساحة التونسية؟

هو ليس بالتحالف من أجل اهداف مشتركة، انما هو مساكنة، يراد منه بالأساس أن لا تضرّ حركة النهضة بنداء تونس، ولا يضرّ حزب نداء تونس بحركة النهضة، خصوصا وأنّ كلاهما يعاني من أزمات وانشقاقات، فضلا على أنّ الاثنان لا يحملان مشروع. أمّا في خصوص السياسين الداعين للتطبيع، على غرار ما أدلى به أحد رؤساء الأحزاب السياسية، والسابحين عكس التيار، فهدفهم بالأساس هو الحصول على التمويل الخارجي لا غير.

ما هي قراءتكم السياسية للأزمة الخليجية؟

الأزمة الخليجية أسبابها معقدة..هناك الداخلية حيث النظام الخليجي يمر بأزمة اثر الرببع العربي أين أصبحت الشعوب تطمح في أن تكون حرة وتشارك السلطة في القرار وتنقد وتعبّر عن رأيها، وهذا يتعارض و يتجافى مع اسس النظام القبلي والعشائري كسلطة متخلفة قائمة على الاستبداد، وهناك الأسباب الخارجية متعلقة اساسا بامريكا واسرائيل..حيث تريد الاخيرة التطبيع الكامل عربيا، انطلاقا من النظام السعودي الذي يمثل مركز الثقل في الخليج، بعد ما أصبحت السلطة الفلسطينية نفسها في يد اسرائيل وهذا ضدّ طبيعة الأشياء.  

وما تعليقكم على مطالب دول الحصار التي تدعو قطر الى طرد حركة حماس وجماعة الاخوان المسلمين واغلاق قناة الجزيرة وغيرها من المطالب التي تمس بمبدأ السيادة ؟

هذه المطالب تدل على جهل كبير بمسار التاريخ، لأنّ الأمة انخرطت في مسار تحرري، فالمواطن العربي الآن أصبح يطلب في حقه في حرية التعبير والمشاركة في الحياة السياسية ونقدها وتقييمها..وبالتالي دول الحصار تسبح ضدّ التيار، ولن ينفعهم في المستقبل لا أمريكا ولا اسرائيل .

وهل ترى أنّ الحصار على دولة قطر سينجح أم سيفشل ؟

الحصار هو عمل عدواني، ويتعارض مع القانون الدولي ..وهو اجراء بمثابة اعلان الحرب ..وهو دليل على عدم الحكمة ويأس لأنظمة سياسية فاسدة ومستبدة قائمة على الانقلابات وقمع صوت المعارضة.. وبالمختصر الحصار لن يكتب له النجاح ولا الديمومة بل وسيرتد هذا الاجراء على دول الحصار نفسها.

ما رايك في الدور الذي تلعبه الامارات على الصعيد العربي والاقليمي؟

 الامارات ومعها السعودية لعبا دورا خبيثا جدا في تونس وتآمرا على ثورتها..فالسعودية تأوي بن علي.. والامارات قامت بتمويل حزب نداء تونس ودعمت عودة المنظوومة السابقة، حتى أنّ بعض من تدعمهم مثل المدعو محسن مروزق، نفذ أجندات مضادة للثورة، كما ووقع على وثيقة أمريكية قدّم بموجبها امتيازات عسكرية للأميريكان في تونس على حساب المنطقة، حين كان مستشار سياسيا للباجي قائد السبسي، فدور الامارات غير جديد وهو دور معروف بالتآمر على قضايا الأمة العربية، وخدمة الصهيونية.

وكيف تصف الدعم القطري لتونس منذ سنة 2011 ؟

مقارنة بالسعودية والامارات، فانّ قطر لعبت دورا ايجابيا في تونس، ولا يمكن انكاره بتاتا، سواء عبر قناة الجزيرة التي ساهمت في انجاح الثورة التونسية كمتابعة ونقل لجميع وقائعها، أو عبر الدعم الاقتصادي ومساهمتها بأكثر من 900 مليار بشهادة الرئيس السابق المنصف المرزوقي، لانعاش الاقتصاد التونسي والمحافظة على استقرارالعملة التونسية.

بماذا تريد أن تختم اللقاء؟

الثورة التونسية حققت أهدافها باسقاط الديكتاتوريات ومسارها سيتواصل رغم الردة بفعل التخطيط الخارجي وعملاء الداخل..واستحقاقاتها مطروحة الآن..ودليل على الردة أنّ يوسف الشاهد يحاول أن يركب على موضوع محاربة الفساد..محاربة الفساد هو استحقاق ثوري في الحقيقة..والمنظومة السابقة ليس لها ما تطرح..ولذلك هم يعيشون مأزق سياسي..لانهم من جهة يمجدون ويبيضون في أنظمة أصبحت في عداد التاريخ ولم يعد من الممكن احياءها..نحن الآن في مرحلة تحرّر وهذا مسار لا يمكن ان تجابهه أيّ قوة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى